الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح كشف الشبهات و الأصول الستة **
بيان الله سبحانه لأولياء الله وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله المنافقين والفجار، ويكفي في هذا آية من سورة آل عمران وهي قوله: الشـرح قوله: "بيان الله سبحانه لأولياء الله . . .إلخ" أولياء الله تعالى هم الذين أمنوا به وأتقوه واستقاموا على دينه وهم من وصفهم الله تعالى بقوله: وولايته بما ساقه من الآيات: الآية الأولى: قوله تعالى في آل عمران : الآية الثانية: قوله تعالى في المائدة: الوصف الأول: أنهم أذلة على المؤمنين فلا يحاربونهم ولا يقفون ضدهم ولا ينابذونهم. الوصف الثاني: أنهم أعزة على الكافرين أي أقوياء عليهم غالبون لهم. الوصف الثالث: أنهم يجاهدون في سبيل الله أي يبذلون الجهد في قتال أعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا. الوصف الرابع: أنهم لا يخافون في الله لومة لائم . أي إذا لامهم أحد على ما قاموا به من دين الله لم يخافوا لومته، ولم يمنعهم ذلك من القيام بدين الله ع وجل. الآية الثالثة: قوله تعالى في يونس: ثم إن الشيخ ـ رحمه الله ـ بين أن الأمر صار على العكس عند أكثر من يدعى العلم وأنه من هداة الخلق وحفاظ الشرع فالولي عنده من لا يتبع الرسل ولا يجاهد في سبيل الله ولا يؤمن به ولا يتقيه. ويحسن بنا أن ننقل هنا ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في رسالته: "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" [مجموع الفتاوى جـ 1 ، ص 156]. ونسوق ما تيسر منها: قال رحمه الله ـ : "وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لله أولياء من الناس، وللشيطان أولياء، ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: وأصحاب يمين مقتصدون ذكرهم الله في عدة مواضع من كتابه العزيز في أول سورة الواقعة وآخرها، وفي الإنسان، والمطففين، وفي سورة فاطر. . . والجنة درجات متفاضلة تفاضلًا عظيمًا، وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم. فمن لم يتقرب إلى الله لا يفعل الحسنات ولا يترك السيئات لم يكن من أولياء الله فلا يجوز لأحد أن يعتقد أنه ولي لله لا سيما أن تكون محجته على ذلك إما مكاشفة سمعها منه، أو نوع من تصرف . . . فلا يجوز لأحد أن يستدل بمجرد ذلك على كون الشخص وليًا لله وإن لم يعلم منه ما ينقض ولاية الله، فكيف إذا علم منه ما يناقض ولاية الله؟ مثل أن يعلم أنه لا يعتقد وجوب أتباع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ باطنًا وظاهرًا، بل يعتقد أنه يتبع الشرع الظاهر دون الحقيقة الباطنة، أو يعتقد أن لأولياء الله طريقًا إلى الله غير طريق الأنبياء عليهم السلام . . . فعلى هذا فمن أظهر الولاية وهو لا يؤدي الفرائض ولا يجتنب المحارم بل قد بما يناقض ذلك لم يكن لأحد أن يقول هذا ولي الله . . . وليس لأولياء الله شيء يتميزون به من الأمور المباحات . . . وليس من شرط ولي الله أن يكون معصومًا لا يغلط ولا يخطئ، بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين . . .ولهذا لما كان ولي الله يجوز أن يغلط لم يجب على الناس الإيمان بجميع ما يقوله من هو ولي الله يجوز أن يغلط لم يجب على الناس الإيمان بجميع ما يقوله من هو ولي لله لئلا يكون نبيًا . . . بل يجب أن يعرض ذلك جميعه على ما جاء به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن وافقه قبله، وإن خالفه لم يقبله، وإن لم يعلم أموافق هو أم مخالف؟ توقف فيه، والناس في هذا الباب ثلاثة أصناف طرفان ووسط، فمنهم من إذا أعتقد في شخص أنه ولي لله وافقه في كل ما يظن أنه حدث به قلبه عن ربه وسلم إليه جميع ما يفعله، ومنهم من إذا رآه قال أو فعل ما ليس بموافق للشرع أخرجه عن ولاية الله بالكلية وإن كان مجتهدًا مخطئًا . وخيار الأمور أوساطها : هو أن لا يجعل معصومًا ولا مأثومًا إذا كان مجتهدًا مخطئًا، فلا يتبع في كل ما يقوله، ولا يحكم عليه بالكفر والفسق مع اجتهاده، والواجب على الناس اتباع ما بعث الله به رسوله . . . وقد أتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا من الفروق بين الأنبياء وغيرهم، فالأنبياء صلوات الله عليه وسلامه يجب لهم الإيمان بجميع ما يخبرون به عن الله عز وجل وتجب طاعتهم فيما يأمرون به، بخلاف الأولياء فإنهم لا تجب طاعتهم في كل ما يأمرون به، ولا الإيمان بجميع ما يخبرون به بل يعرض أمرهم وخبرهم على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة وجب قبوله، وما خالف الكتاب والسنة كان مردودا ص، وإن كان صاحبه من أولياء الله وكان مجتهدًا معذورًا فيما قاله، له أجر على أجتهاده، لكنه إذا خالف الكتاب والسنة كان مخطئًا وكان من الخطأ المغفور إذا كان صاحبه قد أتقى الله ما أستطاع . . . . وهذا الذي ذكرته من أن أولياء الله يجب عليهم الأعتصام بالكتاب والسنة هو مما أتفق عليه أولياء الله عز وجل ومن خالف في هذا فليس من أولياء الله سبحانه الذين أمر الله باتباعهم، بل إما أن يكون كافرًا، وإما أ، يكون مفرطًا في الجهل . . . . وكثير من الناس يغلط في هذا الموضع فيظن في شخص أنه ولي الله، ويظن أ، ولي الله يقبل منه كل ما يقوله، ويسلم إليه كل ما يقوله ويسلم إليه كل ما يفعله وإن خالف الكتاب والسنة فيوافق ذلك له، ويخالف ما بعث الله به رسوله الذي فرض الله على جميع الخلق تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، وجعله الفارق بين أوليائه وأعدائه، وبين أهل الجنة وأهل النار، وبين السعداء والأشقياء، فمن اتبعه كان من أولياء الله المتقين وجنده والمفلحين وعباده الصالحين، ومن لم يتبعه كان من أعداء الله الخاسرين المجرمين فتجره مخالفة الرسول وموافقة ذلك الشخص أولًا إلى البدعة والضلال، وآخرًا إلى الكفر والنفاق . . . وتجد كثيرًا من هؤلاء عمدتهم في أعتقاده كونه وليًا لله أنه قد صدر عنه مكاشفة في بعض الأمور، أو بعض التصرفات الخارقة للعادة . . .وليس في شيء من هذه الأمور ما يدل على أن صاحبها ولي لله بل قد أتفق أولياء الله على أ، الرجل لو طار في الهواء أو مشى على الماء لم يغتر به حتى ينظر متابعته لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وموافقته لأمره ونهيه . . . وكرامات أولياء الله تعالى أعظم من هذه الأمور، وهذه الأمور الخارقة للعادة وإن كان صاحبها وليًا لله فقد يكون عدوًا لله فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين، وتكون لأهل البدع، وتكون من الشياطين فلا يجوز أن يظن أ، كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي لله، بل يعتبر أولياء الله بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة ويعرفون بنور الإيمان والقرآن وبحقائق الإيمان الباطنة وشرائع الإسلام الظاهرة . . . وقد أتفق سلف الأمة وأثمتها وسائر أولياء الله تعالى على أن الأنبياء أفضل من الأولياء الذين ليسوا بأنبياء وقد رتب الله عباده السعداء المنعم عليهم "أربع مراتب" فقال الله تعالى: قسم يكذب بوجود ذلك لغير الأنبياء، وربما صدق به مجملًا، وكذب ما يذكره له عن كثير من الناس لكونه عنده ليس من الأولياء. ومنهم من يظن أن كل من كان له نوع من خرق العادة كان وليًا لله . وكلا الأمرين خطأ . . . ولهذا تجد أن هؤلاء يذكرون أن للمشركين وأهل الكتاب نصراء يعينونهم على قتال المسلمين وأنهم من أولياء الله، وأولئك يكذبون أن يكون معهم من له خرق عادة والصواب القول الثالث وهو أن معهم من ينصرهم من جنسهم لا من أولياء الله عز وجل . وفيما نقل كفاية إن شاء الله تعالى ومن أراد المزيد فليرجع إلى الأصل والله الموفق.
|