الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنمق في أخبار قريش **
كانت الرئاسة أيام عبد مناف لعبد مناف لعبد مناف بن قصي وكان القائم بأمور قريش والمنظور إليه منها ثم أفضى ذلك بعده إلى هاشم ابنه فولي ذلك بحسن القيام فلم يكن له نظير من قريش ولا مساو ثم صارت الرئاسة لعبد المطلب وفي كل قريش رؤساء غير أنهم كانوا يعرفون لعبد المطلب فضله وتقدمه وشرفه فلما مات عبد المطلب صارت الرئاسة لحرب بن أمية بن عبد شمس فلما مات حرب تفرقت الرئاسات والشرف في بني عبد مناف وغيرهم من قريش فكان في بني هاشم للزبير وأبي طالب والعباس وحمزة بني عبد المطلب وفي بني المطلب لعبد يزيد بن هاشم بن المطلب وهو المحض لا قذى فيه وفي بني أمية لأبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية وكان في بني نوفل بن عبد مناف للمطعم بن عدي بن نوفل وكان في بني أسد بن عبد العزى لخويلد بن أسد وعثمان بن الحويرث بن أسد ولبني عبد الدار عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ولبني زهرة مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة ولتيم بن مرة عبد الله بن جدعان بن عمرو ولبني مخزوم هشام بن المغيرة وكان شريفاً عظيم القدر في قريش حتى جعلوا موته تأريخاً ولبني عدي بن كعب عمرو بن نفيل بن عبد العزى ولبني سهم العاص بن وائل ولبني جمح أمية بن خلف ولبني عامر بن لؤي عمرو بن عبد شمس أبو يزيد سهيل الأعلم ولبني محارب بن فهر ضرار بن الخطاب بن مرداس ولبني الحارث بن فهر عبد الله حديث الزبير والأعرابي قال: كان لرجل من الأعراب على الزبير بن العوام حق فجاء يطلب الزبير فوقع به وشتمه وقالت صفية وهي بفناء بيتها جالسة: لا تقل ذا فإنه قاضيك حقك وموفيك فقال: والله! لئن لقيته لأوذينه فلقي الأعرابي الزبير فأقذع له في القول وظلمه فضربه الزبير حتى أنه لم يستطيع أن يقوم فحمله أصحابه حتى أتوا به صفية وهي جالسة ببابها فقالت: الرجز كيف رأيت زبراً أأقطأ أم تمرا أم حضرمياً مرا ما كان في قريش من الرؤيا الصادقة ومنها رؤيا عبد المطلب في حفر زمزم ذكر عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن الزهري قال: بينا عبد المطلب نائم وقد ولد له ابنه الحارث وأدرك أتي في المنام وقيل له احفر زمزم خبيئة الشيخ الأعظم فاستيقظ وقال: اللهم بين لي فاتى في المنام مرة أخرى فقيل لهاحفر تكتم بين الفرث والدم في مبحث الغراب في قرية النمل مستقبلة الأنصاب الحمرن فقام عبد المطلب يمشي حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمى له من الآيات فذبحت بقرة بالحزورة فانفلتت من جازرها بالحشاشة حتى غلب عليها الموت في المسجد الحرام في موضع زمزم فجزرت تلك البقرة في مكانها حتى إذا احتمل لحمها أقبل غراب يبحث فهوى حتى وقع في الفرث فبحث عن قرية النمل فقام عبد المطلب يحفر فجاءت قريش فقالت لعبد المطلب: ما هذا الصنيع إنا لم نكن نزنك بالجهل لم تحفر في مسجدنا وحكي عن عبد الأعلى بن أبي المساور عن عكرمة عن ابن عباس قال: أتى عبد المطلب في المنام فقيل له احفر برة فقال وما برة قال: مضنونة: ضن بها عن الناس وأعطيتموها فلما أصبح جمع قومه فأخبهم قالوا: فهلا سالت ما هي قال: فلما كان من الليل أتى في منامه فقيل له: احفر فقال: أي موضع وأين موضعها قيلك مسلك الذر وموقع الغراب بين الفرث والدم فلما أصبح جمع قومه وأخبرهم فقالوا: هذا موضع نصب خزاعة ولا يدعونك كان ولده غيباً إلا الحارث فقام هو والحارث يحفران فحفرا حتى استخرجا سيوفاً قلعية ملفوفة في عباء ثم حفرا حتى استخرجا غزالاً من ذهب في أذنيه قرطان ثم حفراً حتى استخرجا حلية من ذهب ثم حفرا حتى استنبطا الماء فأتى قومه فقالوا: يا عبد المطلب! احذالغنم فقال: ايتوني بقداح ثلاثة: اسود وأبيض وأحمر فجعل الأسود لقومه والأبيض لنفسه والأحمر للبيت فضرب بها فخرج الأسود على الغزال فصار لقومه ويقال إنهم قالوا: احذنا مما وجدت فقال عبد المطلب: بل هي لبيت الله ثم حفر حتى بلغ القرار فأبحر وخرق جبلها كيلا تنزح ثم بنى عليها حوضاً وجعل هو والحارث ينزعان فيملآن الحوض فيشرب عنه الحاج فحسده ناس من قريش فجعلوا إذا كان الليل كسروا الحوض فإذا أصبح عبد المطلب أصلحه فلما أكثروا إفساده دعا عبد المطلب ربه فأتى في منامه فقيل له: قل: اللهم! إني لا أحلها لمغتسل ولكن هي لشارب حل وبل ثم كفيتهم فقام عبد المطلب حين اجتمعت قريش في المسجد فنادى كما أمر في المنام ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه ذلك أحد من قريش إلا ورمي في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته. وهي البيضاء بنت عبد المطلب قال: ولما ولدت أم حكيم أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس سمعت قائلاً يقول في المنام: رب قمس صميم لمسود حليم ومقسم كريم وشاعر عذوم في بطن أم حكيم فولدت عثمان بن عفان فهو القمس الحليم والمقسم هو المطرف عبد الله بن عمرو بن عثمان وكان أجمل أهل زمانه والشاعر العذوم هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط ورأى زهرة بن كلاب بن مرة وكان لا يكاد يولد له فتزوج عقيلة بنت عبد العزى بن غيرة الثقفي فولدت بين ذكور ثلاثة ماتوا صغاراً فحلف إن ولدت له جارية ليدفنها حية فولدت له جارية فأمر بها أن تدفن فقالت له قريش: إنما كانت العرب تفعل هذا خشية الإملاق وانت كثير المال فأخبرهم بأمره فيها وأمر بها أن تدفن فغيبتها أمها فأتى زهرة في المنام فقيل له: رب فتى وفارس ودود وسيد مسود صنديد ومطعم في زمن الجحود في بطن ذي الجارية الوئيد فانتبه فاستبقاها وسماها السوداء فتزوجت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة فولدت له قال: ولما ولدعن عميرة سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد أم عبد المطلب سمعت في المنام قائلاً يقول: رب قدوم زهر وصدق وبر ومسعر مبير في بطن سلمى بنت عمرو فولدت سلمى عبد المطلب فكان كذاك سيداً مسوداً حتى مات ورأت ماوية السلمية سمعت قائلاً يقول في المنام: كم من قيل مجر وملك بحر وسيد غمر ونجيب صقر في بطن بنت مر فتزوجها عبد مناف بن قصي فولدت هاشماً وعبد شمس والمطلب بني عبد مناف قال: ولما ولدت نعجة بنت عبيد بن رواس سمع أبوها قائلاً يقول في المنام: رب عدد وبأس وكماة احماس وسادة غير أنكاس: لين وشماس في بطن بنت عبيد بن رواس فتزوجها عبد شمس بن عبد مناف فولدت له أمية الأكبر وحبيبا. كانت عائكة رأت رؤيا قبل قدوم ضمضم بن عمرو وكانت رأت هذه الرؤيا فأعظمتها وفزعت لها فأرسلت إلى أخيها العباس فقالت: يا أخي! قد والله رأيت الليلة رؤيا رأيت راكباً أقبل على بعير حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته: يا ل غدر! انغروا إلى مضارعكم في ثلاث صرخ بها ثلاث مرات فإذا الناس قد اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه إذ مثل بعيره على كظهر الكعبة فصرخ مثلها ثلاثاً ثم مثل بعيره على أبي قبيس ثم صرخ مثلها ثلاثاً ثم أخذ صخرة من أبي قبيس فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل انقضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار من دورها إلا دخلتها فلذة فذكر عن عمرو بن العاص أنه قال: رأيت كل هذا ولقد رأيت في دارنا فلقة من الصخرة التي ألقيت من أبي قبيس فلقد كان في ذلك عبرة ولكن لم يرد الله إسلامنا يومئذ ولكنه أخر إسلامنا إلى ما أراد فكان تأويلها استنفار ضمضم بن عمرو إياهم وقتل أشرافهم ببدر وتمت رؤياها بمكة فقال أبو جهل: يا بني هاشم! أما كفاكم أن تنبأ رجالكم حتى تنبت نساؤكم. قال الواقدي: لما انتهت قريش إلى الجحفة عشاء نام جهيم بن أبي الصلت فقال: أراني بين النائم واليقظان أنظر غلى رجل أقبل على فرس معه بعير له حتى وقف علي فقال: قتل عتبة وشيبة وزمعة بن الأسود وأمية بن خلف وأبو البختري وأبو الحكم ونوفل بن خويلد في رجال سماهم من أشراف قريش وسربيل بن عمرو قال: فيقول قائل منهم: والله إني لآظنكم تخرجون إلى مصارعكم قال: ثم أراه ضرب في لبة بعيرة ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه بعض دمه فكان تأويلها كما رآها يوم بدر. ذكروا أنها باتت في الحجر فرأت قائلاً يقول لها: احكمي عقدا فقد رزقت ولدا تسميه أحمد فولدت سيد ولد آدم صلى الله عليه قال السكري عن غير ابن حبيب: وقالت آمنة لما رده أظآره: الرجز ألا رعاه فارجعن رعاه رعاه إن ربه مولاه فقد أراني الله لا سواه نوراً فلن يخلفني رؤياه لن يخلف الفجر لمن رآه سبب إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ذكر في إسناده إبراهيم بن سعيد عن محمد بن إسحاق عن رجل من أسلم قال: مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وهو جالس عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له فلم يكلمه رسول الل صلى الله عليه ومولاة لعبد الله بن جدعان فوق الصفا في مسكن لها تسمع ذلك ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة فجلس معهم فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحاً قوسه راجعاً من قنص له وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم وكان أعز قريش وأشدها شكيمة فلما مر بالمولاة وقد قام رسول الله صلى الله عليه ورجع إلى بيته قالت له: يا أبا عمارة! لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا قبل أن تأتي من أبي الحكم بن هشام وجده هاهنا جالسا فسبه وآذاه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه لم يكلمه محمد فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله من كرامته فخرج سريعاً لا يقف على أحد كما كان يصمع يريد الطواف بالكعبة معداً لأبي جهل إذا لقيه فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع قوسه فضربه بها ضربة شجه شجة منكرة ثم قال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول فرد على إن استطعت فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة عرفت فريش أن رسول الله صلى الله عليه قد عز وامتنع وان حمزة سيمنعه فكفوا ومن حديث بني هشام ذكر ابن الكلبي عن أبيه قال: أخبرني رجل من بني سليم من أهل البصرة عن أبيه وعمه قالا: خرجنا حاجين في الجاهلية وقد أصابت الناس سنة فأتينا مكة فقضينا حجنا وطلبنا طعاماً نشتريه فلم نجده ولااحداً يضيف فأتينا تلك المواسم فإذا لا طعام يباع ولا أحد يطعم فمكثنا ثلاثاً أو أربعاً قال: فبينا نحن في المسجد الحرام إذ نحن بنحو من مائة رجل قد خرجوا من المسجد فقلنا: أين يريد هؤلاء قالوا: الطعام فقلت لأخي: مر بنا فو الله ما نريد إلا الطعام فدخلوا شعب بني مخزوم فإذا دار عظيمة فيها بيت عظيم له بابان وإذا سرير عليه رجل آدم خفيف العارضين مسنون الوجه عليه حلة سوداء بيده قضيب وإذا جفان ما يبصر الدرمك مما عليها من الكبد والسنام قال: فكنا أول من دخل وآخر من خرج فشبعت قبل أخي فقلت: قم لا اشبع الله بطنك! قال: فرفع الذي على السرير رأسه وقال: لا يقوم امرؤ حتى يشبع فإنما جعل الطعام ليؤكل قال: وإذا هو أحول قال: فخرجنا من الباب الآخر فإذا جرز موقوفة فقلنا: ما هذه الجزر فقيل لما رأيتهم آنفاً فقلنا: من هذا قالوا: هذا عمرو بن هشام هذا أبو الحكم. أخبرني أبوالقاسم أحمد بن محمد بن إسحاق المسيبي قال حدثني أبي يعني شيخ عن أصحابنا له قدر قال حدثني الوقاصى عن الزهري عن أبي حية عن أبي ذر قال: قدمت مكة معتمراً فقلت: أما مضيف قالوا: بلى كثير وأقربهم منزلاً الحارث بن هشام قال فأتيت بابه فقلت: اما من قرى فقالت الجارية: بلى ودخلت فأخرجت لي زبيباً في يدها فقلت: صيرية على طبق فعلمت أني ضيف فقالت: أدخل فإذا أنا بالحارث على كرسي وبين يديه جفان فيها خبز ولحم وأنطاع عليها زبيب فقالت لي: أصب فأكلت ثم قال لي: هذا لك ما اقمت فأقمت ثلاثاً ثم رجعت إلى المدينة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم خبره فقال صلى الله عليه وسلم: إنه سري ابن سرى وددت أنه أسلم. ومن أحاديث قريش أن ناساً من بني قصي دخلوا دار الندوة لبعض أمرهم فأراد عبد الله بن الزبعرى أن يدخل معهم فيسمع من مشورتهم فمنعوه فكتب شعراً في باب دار الندوة مما يلي الكعبة فلما أن خرجت بنو قصي إذا هم بالكتاب فقرأوه فاذ فيه: البسيط ألهي قصياً عن المجد الأساطير ورشوة مثلما ترشي السماسير فقال رجل من قصي: انطلقوا بنا إلى الخبيث! حتى نواخذه على سيئته فقال بعض القوم: لا تفعلوا! لكن أرسلوا إلى قومه فإن قبلوكم بما تريدون فسبيل ذلك وإلا رأيتم رأيكم وكنتم قد أعذرتم فيما بينكم وبينهم وكان الذي قال هذا القول الأخير أبو طالب بن عبد المطلب وكانت بنو سهم رهطاً لهم حرمة وأهل عز وجد وبأس ومنعة وكانوا يعدون لبني عبد مناف قاطبة إذا كان بين المطيبين والأحلاف وحشة أو تنازع أو اختلاف فأرسل القوم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس إلى بني سهم في هجاء ابن الزبعرى إياهم فإذا هم في ناديهم فقال: إن قومكم قد أرسلوني إليكم في هذا السفيه الذي قد هجاهم في غير جرم اجترموه إليه وقد بلغهم خبر ابن الزبرعي قبل أن يأتيهم عتبة فقال عتبة: إن كان صنع ما صنع عن رأيكم فبئس الرأي رأيكم وإن كان فعل ما فعل عن غير رأي منكم فادفعوا إليهم هذا السفيه فقال القوم: نبرأ إلى الله أن يكون هذا عن رأينا ولا محبتنا ولا علمنا قال: فأسلموه إلنا فقام القوم: إن شئتم فعلنا على أنه إن هجانا هاج منكم تلسموه إلينا فقال عتبة: ما ينعني أن أفعل ما تقولون إلا أن الزبير بن عبد المطلب غائب بالطائف وقد علمت انه سيفزع لهذا الأمر ولم أكن أجعل الزبير خطراً لابن الزبعرى فقال رجل من القوم: أيها القوم! ادفعوه إليهم فلعمري! إن لكم مثل ما عليكم فكثر الكلام واللغط وفي القوم يومئذ نبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر السهميان وعليهما حلتان اشترياهما قبل ذلك من لطيمة كان كسرى بعث بها إلى النعمان فبعث النعمان بها لتباع بسوق عكاظ فلما رأى العاص بن وائل كثرة الكلام واللغط دعا برمة فأوثق بها ابن الزبعرى ثم دفعه إلى عتبة بن ربيعة فأقبل به مربوطاً حتى أتى به قومه فأقاموا عند الحجر الأسود فقال ابن الزبعرى يمدح العاص بن وائل: الرمل بلغا سهماً جميعاً كلها سيداً منها ومن لما يسد منطقاً يمضي إلى جلهم أنكم أنتم أزري وعضد ثم عد القول إن أفهمته عند من يحفظ أيمان العهد ذلك العاص ابن سلمى إنه رفع الذكر فقل فيه وزد نبت العائل في أكنافه منبت العيص من السدر الزبد ففداه الموت إن حاوله شكس شيمة جلد الكبد وقال عبد الله بن الزبعرى يمدح قصياً ويستعطفها: الطويل ألا أبلغا عني قصياً رسالة فأنتم سنام المجد من آل غالب وأنتم ثمال الناس في كل شتوة إذا عضهم دهر شديد المناكب وقد علمت عليا معد بأنكم ثمالهم في المضلعات النوائب فأبلغ أبا سفيان عني رسالة وأبلغ أسيداً ذا الندى والمكاسب وأبلغ أبا العاصس ولا تنس زمعة ومطعم لا تنس لجام المشاغب بأنكم في العسر واليسر خيرنا إذا كان يوم مزمهر الكواكب تزفين قريش اولادهم قالت سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد تزفين عبد المطلب ابنها: الرجز إن بني ليس فيه لعثمه ولم يلده مدع ولا أمه يعرف فيه الخير من توسمه أروع ضحاك بعيد هممه إن أخر الله عن بني الحمه يزحم من زحامه فيزحمه أقول حقاً لا كقول الأثمة وقال عبد المطلب يزفن ابنه العباس: الرجز ظني بعباس بني إن كبر أن يسقي الحاج إذا الحاج كثر وكانت ام عبد لله بن العباس وهي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية تزفن ابنها فتقول: الرجز ثكلت نفسي فثكلت بكري إن لم يسد فهراً وغير فهر وقالت هند بنت أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب تزفن ابنها عبد الله بن الحارث بن نوفل: الرجز والله ورب الكعبة لأنكحن ببه جارية في نقبه مكرمة محبة تحب من أحبه وقالت صفية بنت عبد المطلب تزفن ابنها الزبير بن العوام: الرجز وأبيك زبر ما بنكس أحمق لكنه صقر كريم معرق حامي الحقيقة ماجد ذو مصدق يضرب الكبش سواء المفرق وليس بالواني ولا بالأخرق وقالت أيضاً تزفن عبد الله بن الزبير: الرجز إن ابني الأصغر حب حنكل أخاف أن يعصيني ويبخل يا رب أمتعني ببكري الأول الماجد الفياض والمؤمل وقالت هند بنت عتبة تزفن ابنها معاوية بن أبي سفيان: الرجز إن بني معرق كريم محبب في أهله حليم صخر بني فهر به زعيم لا يخلف الظن ولا يخيم وقالت أيضاً تزفن ابنها عتبة: الرجز إن بني من رجال الحمس كريم أصل وكريم النفس ليس بوجاب الفؤاد نكس عتبة بدر وأبوه شمس وقالت فاطمة بنت نعجة الخزاعية تزفن ابنها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى: الرجز إن بني سيد العشيره عف صليب حسن السريره جزل النوال كفه مطيره يعطي على الميسور والعسيره وقالت ميسون بنت بحدل تزفن ابنها يزيد بن معاوية إن يزيد خير شبان العرب احلمهم عند الرضى وفي الغضب يبدر بالبذل وإن سيل وهب تفديه نفسي ثم أمي وأب وأسرتي كلهم من العطب وقالت ماوية بنت كعب بن القين تزفن ابنها سامة بن لؤي: الرجز إن ظني ببني خير ظن أن يشتري الحمد ويغلي في الثمن ويملأ الشيزى من الوارى الكدن أن نبه القوم إذا ما قيل كان هو المدعو لاهن وهن وقال الزبير بن عبد المطلب يزفن النبي صلى الله عليه: الرجز محمد بن عبدم عشت بعيش أنعم لا زلت في عيش عم ودولة ومغنم يغنيك عن كل العم وعشت حتى تهرم وقال أيضاً يزفن العباس أخاه: الرجز إن أخي العباس عف ذو كرم فيه عن العوراء إن قلت صمم يرتاح للمجد ويؤفي بالذمم وينحر الكوماء في اليوم الشبمي أكرم بأعراقك من خال وعم وقال يزفن ضرار بن عبد المطلب أخاه: الرجز ظني بمياس ضرار خير ظن أن يشتري الحمد باغلاء الثمن ينحر للأضياف ربات السمن أشرف من ذي يزن وذي جدن لا تسرف البضاعة لا تعرف الخلاعه وقال أيضاً يزفن ابنته أم الحكم والرجز يا حبذا أم الحكم كأنها رئم أحم يا بعلها ماذا قسم ساهم فيها فسهم وقال أيضاً: الرجز إن ابنتي بيضاء من بيض زهر كأنها بيضة دعص في وكر تعجب من طاف بأركان الحجر وقال أيضاً: الرجز إن ابنتي لحرة ذات حسب لا تمنع النار ولا فضل الحطب وقالت أم البنين الوحيدية تزفن ابنها العباس بن علي بن أبي طالب عليهما السلام: الرجز أعيذه بالواحد من عين كل حاسد قائم والقاعد مسلمهم والجاحد صادرهم والوارد مولودهم والوالد وباركن يا رب في بنيه وقالت أيضاً: الرجز احفظ جبيراً من سيوف فارس وجنبنه عارض الوساوس واحفظه من كل زحير حادس زينن رب به المجالس وقالت ضباعة بنت عامر تزفن ابنها سلمة بن هشام بن المغيرة: الرجز نمى به إلى الذرى هشام قدما وآباء له كرام جحاجح خضارم عظام من آل مخزوم هم النظام الفرع والهامة والسنام وقالت أم حكيم بنت عبد المطلب وهي البيضاء تزفن ابن ابنتها عثمان بن عفان: الرجز ظني به صدق وبر يأمر ويأتمر من فتية بيض صبر يحمون عورات الدبر ويضرب الكبش النعر يضربه حتى يخر بكل مصقول هبر قال ابن الخربوذ المكي سمعت قريش صائحا في الليل من الجن وهو يقول: البسيط أودى هشام وقد كانت تلوذ به أبناء فهر إذا ما عضها الزمن من لليتامى وللأضياف إذ نزلوا وقد أتى دونه الأحداث والكفن تبكي عليه ملاح كلما طلعت شمس النهار ويبكي شجوه البدن أعني ابن ريطة من سهم أبوتها ما في قناتهم صدع ولا أبن حكى أبو موسى عن عبد الله بن عمرو المدني عن عبد الرحمن بن محمد التيمي من ولد أبي بكر - رضي الله عنه - قال وحدثني أبو الحسن علي بن محمد قال حدثنيه أبي عن مشايخه وأهله قال أبو بكر وحدثينه أبو سعيد السكري قال حدثني به علي بن محمد النوفلي قال حدثنيه أبي عن مشايخه قالوا: خرج الحارث بن عبد المطلب في نيف وعشرين ومائة من قريش وغيرهم من حلفائهم يريدون الشام في تجارة فلما انصرف نزل بموضع يقال له ذو ضال ويدعى القصيبة وهو ماء لبني سعد تميم فوافق نزوله الماء أن أغار رجلان من عجل وشيبان يقال لأحدهما عمرو والآخر عوف فيمن معهما من قومهما فأغاروا على الماء وأهله خلوف ليس غير النساء والصبيان فسبوا وساقوا المال فجاءت امرأة من بني سعد يقال لها عاتكة قد سقط نصفيها عن رأسها إلى الحارث وأصحابه فناشدتهم رحم فخندف لما أغاثوها فندب الحارث أصحابه فأجابوه فقاتلهم قتالاً شديداً فانكر العجليون والشيبانيون لغاتهم فقالوا: والله! ما أنتم من بني سعد فمن أنتم قال لهم الحارث: نحن قريش قالوا: يا معشر قريش! ما لنا ولكم نحن قوم من أهل دينكم ونحج حرمكم وبيتكم قال الحارث: فلا تؤثمونا في ديننا فإن في ديننا منع الجار لكم النعم وخلوا السبايا فأبوا فقاتلهم أشد القتال وجرح الحارث يومئذ عشرين جراحة وأسر عمراً أحد الرئيسين وانهزم القوم وأصاب الحارث قتيلاً من بني سعد وقد كان متخلفاً مع النساء فدفع الحارث إلى السعديين الرئيس الذي أسره بقتيله الذي قتل منهم ثم أنشأ يقول: البسيط أبلغ قريشاً إذا ما جئتها منا أن الشجاعة منها والندى خلق لولا فوارس من كعب ذوو شرف يوم القصيبة لما احمرت الحدق أمست نساء بني سعد يقودهم ليث لأقرانه في الحرب معتنق فكم ترى يوم ذاكم من مولولة إنسان مقلتها في دمعها غرق لما رأونا بذي ضال نقيم لهم ضرباً لها له أمهات الها تنفلق وأفلت المرء عوف غير منفلت يعدو به سابح الرجلين منطلق وأصبح المرء عمرو بعد صولته بهم ذليلاً أسيراً قيده قلق وقالت عاتكة السعدية: الطويل جزى الله خيرا والجزاء بكفه فوارس حيى عبد شمس وهاشم وأهل والعلى تيم بن مرة إنهم ولاة المساعي والأمور العظائم هم ذببوا عنا ربيعة كلها بصم القنا والمرهفات الصوارم وأصبح عمرو عانيا في ديارنا أسير تعنيه حلاق الأداهم فلا تكفروا سعد خارطيم غالب قريش العلى ما حج أهل المواسم وقدم الحارث على عبد المطلب بمكة خبر ما كان منه فسر بذلك ونحر الجزر وأطعم الناس.
قال قدم أوس بن حجر التميمي مكة على أبي جهل بن هشام المخزومي فمدحه فقال له أوس: إني أحب أن أنظر إلى قومك فبعث أبو جهل إلى فتيان قومه أن لا يحضر أحد منكم المسجد إلا في أجود ما يقدر عليه من الثياب فلبسوا القطر والأتحمى والمورس من البياض فجعل أوس لا يرى حلة حسنة ولا ثوباً فاخراً فيسأل عنه إلا قالوا: من بني المغيرة فعظم بنو المغيرة عنده وازداد فيهم رغبة ثم أمر أبو جهل بطعام فصنع فدعا أوساً وقومه فتقدموا ثم خرجوا إلى المسجد فبينما هم في الطواف إذ طلع عبد المطلب بن هاشم في محفة حوله بنوه فنظر أوس إلى شيخ أبيض كأنه فضة طول وجهه ذراع وإذا فتيان يحملون محفته بيض طول كأنهم الرماح لم ير صوراً تشبهها فجعل ينظر إليهم وجعل أبو جهل يشغله بالحديث عنهم وجعل أوس يتطلع إليهم لما يرى من هيئة الشيخ وحسنه وكمال صورته وما يرى من تمام فتيته وشطاطهم وحسن وجوههم فقال: يا أبا الحكم! من هذا الشيخ وهؤلاء الفتية والله! ما رأيت شيخاً أجمل ولا أكمل ولا أطول ولا فتية أفصح ولا أصبح وأرجح قال أبو جهل: قد رأيته هذا عبد المطلب وبنوه هذا من لا تعتقد معه قريش شرفاً ما بقي فلا أبقاه الله. قال: لما قدم جحش بن رئاب بن يعمر الأسدي مكة حالف أمية بن عبد شمس فقيل له تركت أشرف منهم وأعظم عند قريش قدراً عبد المطلب بن هاشم قال: أما والله! لئن فاتني حلفه لا يفوتني صهره فخطب أميمة بنت عبد المطلب فزوجه إياها. قال: كان أشراف من أشراف قريش وغيرهم يجتمعون في مجلس فيه أبناء المهاجرين وكان ذلك المجلس يسمى القلادة يشبه بالقلادة المنظومة بالجواهر لحسنه وجماله وشرف أهله وكان معاوية إذا قدم عليه قادم سأله عن مجلس القلادة عناية منه به فذكروا أنه حلت لتاجر على ابن أبي عتيق ستة آلاف درهم فأتاه يقتضيه فقال له ابن أبي عتيق: ما هي عندي ولكن إذ قعدت في مجلس القلادة فسلني عن بيت بني عبد مناف فجاء ابن أبي عتيق حتى جلس إلى جانب الحسن بن علي ابن أبي طالب عليهما السلام فقال التاجر لابن أبي عتيق: يا أبا محمد أخبرني عن بيت بني عبد مناف فقال له: آل حرب أشركوا فأشرك الناس وأسلموا فأسلم الناس قال: ثم من عافاك الله! قال: بنو العاص أكثر الناس شهيداً ورجلاً شريفاً قال الرجل يا سبحان الله! فأين بنو عبد المطلب قال له: يا أحمق! إنما سألتني عن بيوت الآدميين ولو سألتني عن وجوه الملائكة لأخبرتك عن بني عبد المطلب فيهم رسول الله صلى الله عليه وفيهم أسد الله وفيهم الطيار في الجنة فقال الحسن عليه السلام أقسم بالله عليك! إن لك حاجة يا أبا محمد قال: إي والله! علي لهذا الرجل ستة آلاف قال: قد قضاها الله عنك هي علينا دونك فلم تزل ذلك المجلس ملتئما يحضره عبد الله بن العباس وعبيد الله بن عدي بن الخيار بن نوفل وعبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وأبو يسار ابن عبد الرحمن بن عبيد الله بن شيبة بن ربيعة بن عبد شمس وموسى بن طلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عبد القاري ويجلس معهم فيه سراة الناس وأشرافهم فقال معاوية: لن تبرح المدينة عامرة ما دام مجلس القلادة فاجتمعوا ليلة كما كانوا يجتمعون فقال عبيد الله بن عدي وذكروا الصحابة فقال: ما رأيت كبلاغة علي عليه السلام وفقهه فقال أبو يسار: كأنك لم تر معاوية فو الله ما رأى معاوية إلا إنسان ولا قلبه إلا إنسان وأطنب في معاوية فقال له عبيد الله بن عبد الله بن عمر: كأنك لم ترى عمر وعدله وكماله فقال عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة كأنكم لا ترون فضلاً إلا في المهاجرين فوالله ما عدا أن أسلموا فما كانوا ألم تر الحارث بن هشام فقال موسى بن طلحة: وإنك لههنا تذكرهم مع المهاجرين فوالله ما هم إلا عبيدهم اعتقوهم عتاقة بعد أن أحاطوا بهم وقدروا علهيم وتواثبا فحال القوم دونهما وحلف عبد الرحمن ليخبرن مروان بن الحكم انه جعله عبداً وجعل معاوية عبداً فجاء موسى بيت عائشة رضي الله عنها وخشي مروان وحده ففتحت له بريرة الباب فدخل وعائشة نائمة وكانت عائشة خالته من الرضاعة كانت أسماء أرضعت موسى بن طلحة وكانت عنده بنت عبد الرحمن بن أبي بكر أخيها فلما صلى الصبح وعائشة لا تدري بمكانه وصلى مروان فجلس على المنبر وقال: أين هذا الذي يزعم أن أمير المؤمنين عبد عتيق لأفعلن ولأفعلن وكانت عائشة لا تتكلم حتى تطلع الشمس فلما طلعت الشمس قال: يا بريرة! ما بال مروان وما يقول فطلع عليها موسى فقال: إياي يعني وأخبرها الخبر فقالت: واثكلاه أينكر مروان أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أظل عليهم عفوه ثم وهب لهم أنفسهم فيا مريوان ورفعت صوتهاوقالت: انطلق إلى منزلك فقال لها: إني أخاف مروان فقالت: أهو يتعرض لك جهده! فخرج موسى وبلغ مروان قول عائشة فكتب بذلك الأمر كله إلى معاوية فلما قرأه معاوية قال: فسد والله مجلس القلادة لعن الله مروان! وكتب إليه أن لعنك الله ولعن خطبتك وجلوسك على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبر أن زاعماً زعم أنا عبيد فإذا بلغك كتابي هذا فلا تذكرن من هذا الحديث شيئاً ولا تعرض له بذكر واكفف عن صاحبه وتفرقوا من تلك الليلة فلم يعودوا لذلك المجلس. ذكر ابن الكلبي عن خالد بن سعيد عن أبيه أن معاوية لما أراد أن يبايع ليزيد قال لأهل الشام: إن أمير المؤمنين قد كبرت سنه ودنا من أجله وقد أردت أن أولي الأمر رجلاً بعدي فما ترون فقالوا: عليك بعبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة وكان فاضلاً فسكت معاوية وأضمرها في نفسه ثم إن عبد الرحمن اشتكى فدعا معاوية ابن أثال وكان من عظماء الروم وكان متطبباً يختلف إلى معاوية فقال: ائت عبد الرحمن فاحتل له فأتى عبد الرحمن فسقاه شربة فانخرق عبد الرحمن ومات فقال حين بلغه موته: لا جد إلا من أقعص عنك من تكره فبلغ ابن أخيه خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد الخبر فقال لمولى له يقال له نافع وكان روميا وكان من أشد الناس قلباً وخالد بن المهاجر يومئذ بمكة وكان سيء الرأي في عمه عبد الرحمن وذلك أن المهاجر كان مع علي كرم الله وجهه فقتل يوم صفين وكان خالد بن المهاجر مع بني هاشم في الشعب زمن ابن الزبير فقال لمولاه نافع: انطلق معي فخرجا حتى أتيا دمشق ليلا وسألا عن أبي أثال فقيل هو عند معاوية وإنما يخرج في جوف الليل فجلسا له حتى خرج في جماعة فشد خالد فانفرجو فضربه بالسيف فقتله وانصرفا فاستخفيا فلما أصبح معاوية قصوا عليه القصة فقال: هذا والله خالد بن المهاجر! وأمر بطلبه فطلبوه حتى وجدوه هو ونافع فلما أدخل على معاوية قال: اقتلته لا جزاك الله من زائر خيرا! فقال خالد: قتل المأمور وبقي الآمر فقال معاوية: والله لو كان تشهد مرة واحدة لقتلتك فقال خالد: أما والله! لو كنا على السواء فقال معاوية: أما والله! لو كنا على السواء كنت معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية وكنت خالد بن المهاجرين بن خالد بن الوليد بن المغيرة وكانت داري بين المأزمين ينشق عنها الوادي وكانت دارك بأجياد أسفلها حجر وأعلاها مدر وأمر بنافع فضرب مائة سوط ولم يضرب خالداً ثم أمر بهما فأخرجا من دمشق وقضى في ابن أثال باثني عشر ألفاً فودتها بنو مخزوم فأخذ معاوية منها ستة آلاف فأدخلها بيت المال فلم تزل الدية كذلك للمعاهدين حتى ولي عمر بن عبد العزيز رحمه الله فأبطل النصف الذي كان يأخذه السلطان فدخل كعب بن جعيل التغلبي وكان صديقاً لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد على معاوية فقال معاوية: إن هذا كان صديقاً لعبد الرحمن فما الذي قلت فيه قال: قلت: الوافر ألا تبكي وما ظلمت قريش بأعوال البكاء على فتاها ولو سألت دمشق وأرض حمص وبصرى من أباح لكم قراها فسيف الله أدخلها المنايا وهدم حصنها وحمى حماها وأسكنها معاوية بن حرب وكانت أرضه أرضاً سواها قال ابن الكلبي: كان عروة بن الزبير كثيراً ما يعير خالد بن المهاجر بقتل عمه عبد الرحمن ولم يثأر به فلما قتل خالد بن أثال أنشأ يقول: الطويل قضي لابن سيف الله بالحق سيفه وعطل من حمل التراقي رواحله فان كان حقاً فهو حق أصابه وإن كان ظناً فهو بالظن فاعله سل ابن أثال هل ثأرت ابن خالد فهذا ابن جرموز فهل أنت قاتله حلف المقداد بن الأسود بن عبد يغوث ذكر هشام أن عمرو بن ثعلبة البهراني أبا القمداد صاحب رسول الله صلى الله عليه أصاب دماً في قومه فلحق بحضرموت وتزوج امرأة من الصدف من بطن يقال لهم بنو شكل ولها ولد ستة أو سبعة من ابن عم لها فولدت له المقداد فجرى بين إخوته لأمه وبين أبي شمر حجر بن مرة وكان قيلاً من أقبال حضرموت يقال له الاذمري كلام فشد المقداد على أبي شمر فضربه بالسيف على رجله فعرج وهرب المقداد إلى مكة وغنم أبو شمر وأصحابه أصحاب المقداد فقال أبو شمر: الطويل ونحن هزمنا الجيش جيش ابن ضجعم ونحن قتلنا عامراً وابن مالك ونحن قتلنا من يريد خيارنا ونحن أتانا سبي سعد وماسك وأفلتنا المقداد والليل دامس كأن على أثوابه حيض عارك فإن ينجك اليوم الفرار فلم يزل بك الفر مني هيبة في فؤادك فدخل المقداد مكة فنظر إلى رجل يطوف بالبيت متقلدا سيفين فقال: ما تقلد هذا سيفين إلا وهو منيع فسأل عنه فقيل هذا الأسود بن عبد يغوث بن عبد مناف بن زهرة فأتاه المقداد وأخبره وسأل أن يحالفه وأن يجيره ففعل الأسود فكان يقال المقداد بن الأسود حتى أمر النبي صلى الله عليه بأن ينسبهم إلى آبائهم أراد ضجعم بن حماطة بن سعد بن سليح بن بهراء ومالك بن سليح كانا رئيسين يومئذ وسعد بن سليح وماسك بن سليح. كان عبد المطلب نديماً لحرب بن أمية حتى تنافر إلى نفيل بن عبد العزى فلما نفر عبد المطلب تفرقا ومات عبد المطلب قبل الفجار وهو ابن مائة وعشرين سنة فنادم حرب بن أمية عبد الله بن جدعان التيمي وكان أبو احيحة سعيد بن العاص بن أمية نديماً للوليد بن المغيرة المخزومي وكان معمر بن حبيب بن وهب بن حذاقة بن جمح نديماً لأمية بن خلف الجمحي وكان عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية نديماً للأسود بن عبد يغوث الزهري وكان أبو طالب بن عبد المطلب نديماً لمسافر بن أبي عمرو بن أمية فمات مسافر فنادم أبو طالب بعده عمرو بن عبد ود بن نضر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي قتله علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الخندق وكان عتيبة بن ربيعة بن عبد شمس نديماً لمطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان أبو سفيان بن حرب نديماً للعباس بن عبد المطلب وكان الفاكه بن المغيرة نديماً لعوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة وكان زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى نديماً لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وكان شيبة بن ربيعة بن عبد شمس نديماً لعثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى وكان العاص بن سعيد بن العاص بن أمية نديماً للعاص بن هشام بن المغيرة المخزومي وكانا يدعيان أحمقي قريش قتل علي عليه السلام العاص بن هشام يوم بدر وكان خرج بديلاً لأبي لهب وذلك أن قريشاً لما خرجوا إلى عيرهم أخرجوا بني هاشم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مكرهين فمن لم يخرج منهم أخرج بدله رجلاً وكان أبو لهب قامر العاص بن هشام فقمره أبو لهب ماله فكان له عبداً فجعله قيناً ثم أخرجه بديلاً فقتل يوم بدر وكان أبو لهب نديماً للحارث بن نوفل بن عبد مناف بن قصي وكان الوليد بن عتبة بن ربيعة نديماً للعاص بن منبه بن الحجاج السهمي فقتلهما علي رضي الله عنه يوم بدر وكان ضرار بن الخطاب بن مرداس الفهري نديماً لهبيرة بن أبي وهب المخزومي وكان أبو جهل وهو عمرو بن هشام بن المغيرة نديماً للطريد وهو الحكم بن أبي العاص بن أمية وكان الحارث بن هشام بن المغيرة نديماً لحكيم بن حزام بن خويلد وكان حكيم ولدته أمه في الكعبة وكان العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم نديماً لهشام بن المغيرة أبي أبي جهل بن هشام وكان نبيه بن الحجاج بن عامر السهمي نديماً للنضر بن الحارث أحد بني عبد الدار قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر صبراً وكان زنديقاً مؤذياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي نديماً لحنظلة بن أبي سفيان قتل حنظلة يوم بدر كافراً وكان الزبير بن عبد المطلب نديماً لمالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار وكان الأرقم بن نضلة بن هاشم بن عبد مناف نديما لسويد بن هرمى بن عامر الجمحي وكان سويد أول من وضع الأرائك وسقى اللبن والعسل بمكة لا عقب له وكان الحارث بن حرب بن أمية نديماً للعوام بن خويلد بن أسد وكان الحارث بن أسد بن عبد العزى نديماً لعبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكان أبو البختري العاص بن هاشم بن الحارث بن أسد نديماً لطلحة بن أبي طلحة بن عبد الدار قتل أبا البختري المجذر بن ذياد البلوي يوم بدر وقتل علي عليه السلام طلحة يوم أحد وكان منبه بن الحجاج بن عامر السهمي نديماً لطعيمة بن عدي بن نوفل بن عبد مناف قتل طعيمة يوم بدر وكان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب نديماً لعمرو بن العاص بن وائل السهمى وكان أبو أمية بن المغيرة المخزومي نديماً لأبي وداعة بن ضبيرة بن سعيد بن سهم وكانا يسقيان العسل بمكة بعد سويد بن هرمي وكان أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة نديماً لقيس بن عدي بن سهم وله يقول الشاعر: الرجز في بيته في بيته يؤتى الندى كأنه في العز قيس بن عدى وكان يأتي الخمار وفي يده مقرعة فيعرض عليه خمرة فان كان جيداً وإلا قال: أجد خمرك ويقرع رأسه وينصرف العدة ثمانية وخمسون رجلاً. فمن بني هاشم عبد المطلب بن هاشم والزبير وأبو طالب ابنا عبد المطلب ومن بني أمية حرب بن أمية وأبو سفيان صخر بن حرب ومن بني زهرة بن كلاب العلاء بن جارية الثقفي حليف بني زهرة ومن بني مخزوم العدل وهو الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن بني سهم قيس بن عدي بن سعد بن سهم والعاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم ومن بني عدي بن كعب نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب. وكانوا إذا سافروا لم يختبز معهم أحد ولم يطبخ وهم الأسود بن المطلب بن اسد بن عبد العزى بن قصي ومسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس وأبو أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وزمعة بن الأوسد بن المطلب بن أسد. كان مسافر بن أبي عمرو يتعشق هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فوفد على النعمان بن المنذر اللخمي فأكرمه ونادمه فقدم عليه قادم فأعلمه أن هند تزوجت أبا سفيان فمرض غماً وسقى بطنه فكشح بالنار فلما نظر الطبيب الذي يكويه إلى المكاوي وصبر مسافر جعل يضرط فقال مسافر: البسيط قد يضرط العلج والمكواة في النار فذهبت مثلاً وقال مسافر: الطويل ألا إن هندا أصبحت منك محرما وأصبحت من أدنى حموتها حما وأصبحت كالمسلوب جفن سلاحه يقلب بالكفين قوسا وأسهما ثم خرج متوجها إلى مكة فمات بهبالة فقال أبو طالب يرثيه: الخفيف ليت شعري مسافر بن أبي عمرو وليت يقولها المحزون كمن رأينا من صاحب صدق وابن عم عدت عليه المنون فتعزيت بالجلادة والصبر وإني بصاحبي لضنين فهل القوم راجعون إلينا وخليلي في مرمس مدفون بورك الميت الغريب كما بو - رك نضر الريحان والزيتون ليت شعري هل أصبحن من الحز - ن لقلبي فما لقيت بحينى ميت ذرو على هبالة قد حالت صحار من دونه ومتون غير أني إذا ذكرت لقلبي فاض دمعي وفاض مني الشؤون أجواد قريش هاشم بن عبد مناف وقد كتبنا حديثه في أول الكتاب وأمية بن عبد شمس وقد بذه هاشم ومر حديثهما ومن بني تيم بن مرة شارب الذهب وهو عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وكان المطاعيم وأبوه السيال وهو عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وكان جواداً مطعاماً وعبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وكان قومه قد حجروا عليه لما أسن فكان إذا أعطى أشياء استرجعه قومه من المعطي فلما رأى ذلك كان يقول للسائل يساله: اجلس قريباً مني حيث تنالك يدي فأني سألطمك فإذا فعلت فقل: لا ارضى حتى ألطم عبد الله كما لطمني حتى ترضى من مالي بحكمك وله يقول عبيد الله بن قيس الرقيات: الخفيف والذي إن أشار نحوك لطما تبع اللطم نائل وعطاء وكان له مناديان يناديان أحدهما بأسفل مكة والآخر بأعلى مكة وكان المناديان أبا سفيان بن عبد الأسد وأبا قحافة وكان أحدهما ينادي: ألا من أراد الشحم واللحم فليأت دار عبد الله بن جدعان وهو أول من أطعم الفالوذ بمكة وله يقول الشاعر: الوافر له داع بمكة مشمعل وآخر فوق دارته ينادي إلى ردح من الشيزى عليها لباب البر يلبك بالشهاد ومن بني مخزوم هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن محزوم وكان شريفاً مطعاماً وجعلت قريش موته تاريخاً وله يقول الشاعر: الوافر وأصبح بطن مكة مقشعراً كأن الأرض ليس بها هشام وابناه أبو جهل والحارث كانا جوادين وللحارث حديث قد مضى وخلف بن وهب بن حذافة بن جمح وعبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف وعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف وكان خلف جواداً وابنه أمية جواداً وابنه صفوان جواداً وابنه عبد الله بن صفوان بن أمية جواداً وابنه عمرو بن عبد الله بن صفان بن أمية كان جواداً فعمرو جواد ابن جواد ابن جواد ابن جواد ابن جواد فكان أعرق الناس في الجود عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف إلا ما كان من قيس جواد ابن سعد جواد ابن عبادة جواد ابن دليم جواد ابن حارثة جواد ابن حزيمة جواد ابن ثعلبة جواد ابن طريف جواد ابن الخزرج فإنه جواد ابن جواد ابن جواد ابن جواد ابن جواد ابن جواد ابن جواد ابن جواد فهذا أعرق الناس في الجود وعمرو أعرق قريش في الجود وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وسأله رجل برحم بينه وبينه فقال له: هذا حائطي بمكان كذا وكذا وقد أعطيت به ستمائة ألف درهم يراح إلي بالمال العشية فإن شئت فالمال وإن شئت فالحائط وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب وذكر عن جوده أن صيرفياً أفلس بالمدينة فلزمه غرماؤه فسألهم النفس ليحتال لهم فقالوا: لينا ندعك أو يكفل بك عبيد الله بن العباس فأتوا بابه فاستأذنوا عليه فأذن لهم ويده في حوض يخوض فيه البرز للغنم فقال له الصيرفي: إن لهؤلاء القوم علي تسعة آلاف دينار وقد سألتهم أن ينفسوني حتى أضطرب لهم فسألوني كفيلاً فأعطيتهموه فأبوا أن يرضوا إلا بك فأحب أن تضمنني فقال لهم: هاتوا صكاككم فدفعوها إليه فخرقها وأمر بقضائهم من ماله. وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب وكان مما ذكر من جوده عليه السلام أن مولى لعبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي قدم عليه فقال: إنا نسمع عن عبد الله بن جعفر بأشياء لم يسمع بمثلها عن أحد قط فقال له عبد الله بن مطيع: صدق كل ما نسمعه عنه ففيه أكثر من ذلك فقال: إني لأحب أن أرى بعض ذلك فقال: هات صحيفة فجاء بها فقال: اكتب ذكر حق فلان بن فلان على عبد الله بن جعفر ثلاثمائة دينار حالة ثم اذهب إليه فسلم عليه وقل له: هذا ذكر حق لي يا أبا جعفر عليك فمضى إليه وفعل ذلك وألاح له بالصحيفة فقال له عليه السلام عنه: لك أنت قال: نعم قال: كم قال: ثلاثمائة دينار قال: يا غلام! ادفعها إليه ولم يأخذ الصحيفة فجاء مولى عبد الله بن مطيع بالدنانير إليه وحدثه الأمر وقال: والله! ما رأيت أعجب من هذا فقال له ابن مطيع: احتفظ بالدنانير ثم تركه عشراً وقال له: اذهب إليه فقل له مثل ما قلت فقال له المولى: جعلت فداك توهمني في المرةالأولى الآن أليس يعرف أني صاحبه قال: اذهب كما أقول لك فذهب فجرى بينهما من الكلام مثل الكلام الأول فأمر له بها فجاء إلى ابن مطيع وهو يكثر التعجب فقال له ابن مطيع: احتفظ بها فلما مضى له شهر قال له ابن مطيع: اذهب فعد إليه فلما عاد إليه قال له كما قال له في المرتين فأمر له بها فجائها إلى ابن مطيع فقال له ابن مطيع: اجمع كل ما أخذت فأت به فأتاه به فركب ابن مطيع إليه ومعه مولاه والمال فقال له: يا أبا جعفر! اتق لله وانظر لنفسك وذمتك فإن لك معاداً فقال: وما ذلك فقال له: أتاك مولاي هذا بصك يذكر أن له فيه عليك ثلاثمائة دينار ولم يكن بينك وبينه معاملة فلا تزيد على أن تقول له: أنت كم هو أعطه إياه حتى أخذ منك تسعمائة دينار قال: كأنك تقول: لا أعرف ما لي مما علي قال: إن ذلك لكذلك قال: مالي درهم إلا وأنا أعرفه وقد علمت أن ذاك ليس علي ولكني خيرت نفسي في أن أقول: لا ليس لك ويقول: هو بل لي فيسمع سامع بذلك فأكون بين مصدق ومكذب وبن دفع ذلك إليه فكان دفع ذلك إليه أخف علي قال ابن مطيع: اتق الله وانظر لنفسك يا غلام! هات ما معك فجاءه بالمال فقال له ابن جعفر عليهما السلام: ما هذا قال: هذا مالك قال: يغفر الله لك! أيرجع إلي شيء خرج مني هو لك حلالاً طيباً. قال: وجاءت عجوز إلى ابن جعفر عليهما السلام بجاجة قد سمنتها فقالت: يا أبا جعفر! إني قد سمنت هذه الجاجة حتى بلغت غايتها فأحببت أن تأكلها قال: اقبضوها يا غلام! ادفع إليها ألف درهم فقالت: أبقاك الله! قال: زدها ألفاً فقالت حفظك الله! قال: زدها ألفاً قالت: أمتعني الله بك قال: زدها ألفاً قالت: جعلني الله فداك قال زدها ألفاً قالت: حسبك يا مسرف! قال: لو ثبت لثبت لك. وروى عن ابن سيرين أن دهقاناً كلم ابن جعفر في أن يكلم له علياً عليه السلام في حاجة فكلمه فيها عبد الله فقضاها فأرسل الدهقان إلى عبد الله بأربعين ألفاً فردها عليه وقال: إنا أهل البيت لا نأخذ على معروفنا جزاء. قال: واستأمن عبد الله بن جعفر عبد الملك بن مروان لعبيد الله بن قيس الرقيات وكان مدح ابن الزبير وحض على عبد الملك فلما مات مصعب استأمن له فآمنه ودخل عليه ابن قيس اسمع أمير المؤمني - ن لمدحتي وثنائها أنت ابن معتلج البطا - ح كديها فكدائها فقال له عبد الملك: الخفيف إنما مصعب شهاب من الل - ه تجلت عن وجهه الظلماء قال: يا أمير المؤمنين! أنا الذي أقول: الخفيف ما نقموا من بني أمية إلا أنهم يحلمون إن غضبوا فقال له عبد الملك: الخفيف كيف نومي على الفراش ولما تشمل الشام غارة شعواء قد آمنتك ولكن لا والله ما تأخذ مع الناس عطاء أبداً فلما خرج قال ابن جعفر لابن قيس: قد سمعت قسمه فلا عليك عمر نفسك قال ستين سنة قال: كم عطاؤك قال: ألفان فأمر له بمائة ألف درهم وعشرين ألف درهم وكان ابن قيس يومئذ ابن نحو من ستين سنة. قال: وقدم عبد الله بن جعفر عليهما السلام على يزيد بن معاوية فقال له: كم كان معاوية أمير المؤمنين أعطاك حين وفدت عليه قال: ألف ألف درهم قال: فلك ألفا ألف درهم قال: فداك أبي وأمي: فقال يزيد: قلت: فداك أبي وأمي قال: نعم ولم أقل لأحد قبلك إلا لرسول الله صلى الله عليه ولا أقولهما لأحد بعدك قال: فان لك ضعفها أربعة آلاف ألف درهم فقيل لزيد: أعطيت عبد الله بن جعفر أربعة آلاف ألف! فقال: ويحكم! إنما أعطيت الناس عبد الله لا يمسك دهماً فلما خرج من عنده وودعه رأى ببابه ناقة سوداء فقال له بديح: هذه تعجب بها أهل المدينة فقال: خذها فأبى الغلام أن يدفعها فرجع إلى يزيد وقال: ناقة سوداء ببابك أحب بديح أن يعجب بها أهل المدينة فقال: يا غلام! ادفعها إليه وكل ناقة سوداء قبلكم فكانت سبعمائة سوداً وكتب له إلى عامل أذرعات يحملها كلها له زيتاً فلم يجده لكلها فأعطي ثمنه فقال هشام بن عبد الملك لبديح: كم وصل به إلى المدينة من السبعمائة ناقة قال بديح: ثلاثون ناقة. وسأل بديحاً هشام بن عبد الملك عن عبد الله بن جعفر فقال: لو وصفته عمري لما خرجت إلا مقصراً عن وصف سخائه وكرمه قال: فأخبرنا عنه قال جاءه من قريش رجل فسأله أن يسوق عنه مهره قال: وكم قال: هو خمسون ديناراً فقال: يا بديح! هات الكيس فجئت به فقال: عد له ولم يكن الناس يزنون فعددت وطربت ورجعت فلما بلغت الخمسين وقفت فقال: امض فمضيت حتى أتيت عل الكيس فقال: ليت الكيس بقي وبقي صوتك فقال هشام: فكم كان في الكيس قال أربعمائة دينار قال له: فمن الرجل فقال: لاأخبرك قال: ولم قال: أخاف أن تأخذ منه فقال: يا خبيث! يعطيه وذكروا أن ابن جعفر أراد سفراً فأمر رجلاً أن يجهزه ففعل وجاء بحسابه فقال له ابن جعفر: نا تصنع بالحساب قال: لتقرأه وتعرفه أبقاك الله! فقال: لا حاجة لي به إن كان لك فضل فأخبرنا به حتى نعطيكه وإن كان لنا عندك فضل فأخبرنا حتى نأمرك فيه بما نرى قال: أني أحب أن تقرأ فقرأه فكان أول شيء قرأه: حبل بخمسين درهما فقال: لقد غليت الحبال قال: إنه أبرق فقال ابن جعفر: إن كان أبرق فأجيزوه فهو إلى اليوم مثل بالمدينة: وذكروا أن رجلاً من الحاج مات بعيره فأتى مروان وهو على المدينة فشكا إليه فلم يصنع شيئاً فأتى عبد الله بن جعفر فقال: الطويل أبا جعفر إن الحجيج ترحلوا وليس لرحلي فاعلمن بعير أبا جعفر ضن الأمير بماله وأنت على ما في يديك امير أبا جعفر من حي صدق مبارك صلاتهم للمسلمين ظهير وقد قدم إلى ابن جعفر نجيب مرحول وعليه قراب فقال: شأنك النجيب وما عليه واحتفظ بالسيف فإني أخذته بألف دينار فقال الرجل: الطويل حباني عبد الله نفسي فداؤه بأعيس موار وسباط مشافره وأبيض من ماء الحديد كأنه شهاب بدا والليل داج عساكره ومن الأجواد السفاح وهو عبد الله الأصغر بن علي بن عبد الله بن العباس ومحمد بن جعفر بن عبيد الله وسعيد بن العاص بن أمية وكان ينحر في كل يوم جزراً يطعمها وكان ممدحاً وعبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وكان من فتيان قريش وحمزة بن عبد الله بن الزبير بن العوام وكان جواداً ممدحاً وله يقول موسى شهوات: الرمل حمزة المبتاع بالمال الندى ويرى في بيعه أن قد غبن ويعقوب بن طلحة بن عبيد الله التيمي وعمر بن عبيد الله بن معمر بن عثمان التيمي وله أحاديث في الجود فمنها أن عبد الملك بن مروان أراد أن يضع منه وذلك أنه كان عاملاً لعبد الله بن الزبير على البصرة فأفشى فيها من الجود ما تحدث به الناس في الآفاق فلما أفضى الأمر إلى عبد الملك قدم عليه فسايره وكان على بعير أشف من بعيره فاستشرفه الناس فغاظ ذلك عبد الملك فأمر له بالخروج إلى المدينة والمقام بها لما فيها من أشراف قريش فلما بلغ أهل المدينة قدومه خرجوا يتلقونه منها على أميال فنزل يمشي ونزل الناس معه فلم يزل راجلاً وهم معه رجال حتى دخل المدينة فلما دخلها قسم الكسي بينهم فلم يدخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد لصلاة الظهر من ذلك اليوم إلا في كسوة عمر فبلغ ذلك عبد الملك فقال: أردت أن أضع منه فأبت نفسه إلا ارتفاعاً فيقال إنهم قالوا له: أمتمشي وأنت أكثر الناس دابة فقال: لا أركب بها قرشي يمشي ويقال إن الذي حمل عبد الملك على فعله به أن كان ضابطاً بعمله لابن الزبير فولاه البصرة فلم يحمد ضبطه لها فقال له: أنت لابن الزبير سيف مشحوذ ولي شفرة كليلة والله لأبعثنك إلى بلدة يتضاءل بها شخصك فوجهه إلى المدينة فكان منه الذي اقتصصت. وكانت لأبي حزابة التيميمي جارية يقال لها بسباسة وكان يحبها فاضطر إلى بيعها فاشتراها منه عمر بن عبيد الله بمال كثير فلما دفع إليه المال وقبضها ذهبت لتدخل فتعلق بثوبها ثم قال: الطويل تذكر من بسباسة اليوم حاجة أتت كمداً من حاجة المتذكر ولولا قعود الدهر بي عنك لم يكن يفرقنا شيء سوى الموت فاعذري أبوء بحزن من فراقك موجع أناجي به قلباً طويل التفكر عليك سلام لا زيارة بيننا ولا وصل إلا أن يشأ ابن معمر فقال: قد شئنا يه لك وثمنها. وخالد بن عبد الله بن أسيد بن أبي العيص بن أمية وكان جواد أهل الشام شريفاً ممدحاً. وطلحة الندى بن عبد الله بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة وكان طلحة هذا يأتيه الرجل يسأله فيقعده ثم يأتي آخر فيقعده ثم يأتي ثالث فإذا كانوا بعدد ما عليه من الثياب دخل ورمى بردائه إلى الأول وبقميصه إلى الثاني فإذا صار إلى الثالث قال: ناولوني ثوباً ثم بإزاره إليه قال: وكانت بنو أمية ترسله على السعايات على أسد وغطفان فيجيء بالأموال الكثيرة ثم تسوغه الثمن من ذلك فيحبو يمنح ويعطي ويقسم فأقبل يوماً فقيل لأعرابي قريب عهد بعلة قد أضربه الدهر: ألا تتعرض لهذا القرشي فإنه قد يصنع الخير قال: فتعرض له في كسي له أحمر فلما أقبل عليه قال له: أعني على الدهر قال: نعم ثم أقبل على وكيله فقال: كم معك قال: فضلة من المال قال: صبها في كسائه فصبها فأثقلته حتى أقعدته قال: فتأمله طويلا ثم بكى فقال له: ما يبكيك أأستقللت ما أعطيتك قال: لا ولكني فكرت فيما تأكل الأرض من كرمك فبكيت. وذكر مصعب بن عبد الله أن امرأة طلحة هذا قالت لطلحة: ما رأيت كأصدقائك ما كنت موسراً فهم في منزلك وبفناءك فإذا التوى عليك الزمان اجتنبوك فقال: ما زدت إلا أن امتدحتهم إذا كنت لهم محتملاً آنسوا وجملوا وإذا عجزت عنهم خففوا وعذروا. وطلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم وهو طلحة الدراهم وكان معطاء وله يقول الحزين الكناني: المتقارب فما كان نفعك لي مرة ولا مرتين ولكن مرارا أبوك الذي صدق المصطفى وسار مع المصطفى حيث سارا وأمك بيضاء تيمية إذا عددا الناس كانت نضارا وطلحة الخير وهو طلحة بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وأمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان وكان مطعاماً ولم يعقب والأزرق وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ولاه ابن الزبير اليمن فأعطى بها أموالا كثيرة حتى عزله عنها وله يقول أبو دهبل الجمحي: البسيط أعطى أميراً ومنزوعاً وما نزعت عنه المكارم تغشاه وما نزعا وله يقول أبو دهبل: الكامل عقم النساء فما يلدن شبيهه إن النساء بمثله عقم غض الكلام من الحياء كأنه ضمن وليس بجسمه سقم متهلل بنعم مباعد لا سيان منه الوفر والعدم إن البيوت معادن فنجاره ذهب وكل جدوده ضخم والحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن عبيد المخزومي وكان جواداً ممدحاً. والمغيرة الأعور ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي بذ أجواد الكوفة بالطعام حتى خلوه وإياه وكان بها زمن يطعم عيسى بن موسى بن طلحة التيمي وعبد الملك بن بشر بن مروان بن الحكم وخالد بن خالد بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط وبنو عمارة بن عقبة بن أبي يمعيط فبذهم كلهم الأعور فبسط الأنطاع بالكوفة وألقى عليها الحيس فيأكل منه الراكب والقائم والقاعد فأمسك كل من كان يطعم بالكوفة وله يقول الأقيشر الأسدي: الطويل أتاك البحر طم على قريش مغيرى فقد راع ابن بشر وراع الجدى جدى التيم لما رأى المعروف منه غير نزر ومن أوتار عقبة قد شفاني ورهط الحاطبي ورهط صخر فلا يغررك حسن الزي منهم ولا سرج ببزيون ونمر أراد بالحاطبي محمد بن الحاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب الجمحي وكان مطعاماً وأراد بصخر صخير بن أبي الجهم العدوي وكان مطعاماً. ومن الأجواد نهشل بن عمرو بن عبد الله بن وهب الفهري وكان مطعاماً.
|