الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: التبر المسبوك في نصيحة الملوك **
يقال أنه تفاخر عبدان: عبد لبني هاشم وعبد لبني أمية فكل واحد منهما قال موالي أكرم من مواليك فقالا نمضي ونجرب فمضى مولى بني أمية إلى واحد من مواليه وشكا حالته وضائقته وتألم من فاقته فأعطاه عشرة آلاف درهم حتى طاف على عشرة من مواليه فاجتمع له مائة ألف درهم فأخذها وأحضرها بين يدي مولى بني هاشم وقال امض أنت الى بني هاشم وجربهم وانظر كرمهم فأتى مولى بني هاشم الى الحسين بن علي رضي الله عنهما وشكا حاله وذكر فقره وما أفضى به الحال إليه فأمر له بمائة الف درهم ثم مضى الى عبد الله بن جعفر وشكا اليه فأعطاه مائة الف درهم ثم مضى الى عبد الله بن ربيعة فأعطاه مائة ألف درهم فمضى بالمال الى مولى بني أمية وقال له: إن مواليك تعلموا الكرم من موالي ولكن عد بنا اليهم لنجربهم ثايناً ونعيد المال إليهم فمضى مولى بني أمية الى مواليه وقال لهم قد استغنيت عن هذا المال وقد سهل الله تعالى لي من مكان ما أسدّ به فقري ولم يبق لي في هذه الدراهم حاجة وقد اعدتها فأخذ كل واحد منهم دراهمه وحمل مولى هاشم الدراهم الى مواليه قال لهم قد تيسر لي من مكان ما زالت به حاجتي وانقضت وقد أعدت المال الذي أخذت منكم فاستعيدوه فقالوا نحن لا نأخذ شيئاً قد وهبناه ولاتعود هباتنا تختلط بأموالنا. حكمة قال بعض الحكماء اجلال الأكابر من الكرم وحسن الخلال واحتقار الناس من لؤم الأصل وقبح الخلال والهمة بغير آلة خفة وإنما الهمة مع الجد تجمل وتلطف وتحسن وتظرف لأن الرجل إذا كان ذا همة وجدة غير مساعد لم يكن له من همته سوى الانحطاط لأنه يجب أن تكون الهمة علوية والجد عالياً وقد قيل أيضاً الكلام بالدرجة والعمل بالقدرة. وينبغي أن تكون الهمة الى بغداد والزاد الى فرسخين وكذا الجلال. حكاية كان عبد العزيز بن مروان أميراً بمصر فركب ذات يوم واجتاز بموضع وإذا برجل ينادي ولده يا عبد العزيز فسمع الأمير نداءه فأمر له بعشرة الآف درهم لينفقها على ذلك الولد الذي هو سميه ففشا الخبر بمدينة مصر فكل من ولد في تلك السنة ولد سماه عبد العزيز. وبضد ذلك كان الحاجب تاش الأمير الكبير بخراسان فإنه اجتاز يوماً بصيارف بخارى ورجل ينادي غلامه وكان اسم الغلام تاس فأمر بإزالة الصيارف ومصادرتهم وقال إنما أردتم الاستخفاف باسمي. فانظر الآن بين الحر القرشي وبين المتشرف بالدراهم. وفي هذا الباب كلام طويل ونكتفي بهذا لئلا يطول الكتاب. وينبغي أن تعلم أن الهمة وإن تأخرت فإنها توصل صاحبها الى مراده يوماً من الزمان قال الشاعر: سَعيي لِمجدِ ولولاَ صِدقُ معَرفتي انِي سأَدرك ما قد كُنتُ أطلُبه لو كُنتُ فِي خِدمةِ السُلطانِ ذا طلبِ للِزَادِ ما كُنت مِن حَامِيهِ أخَطُبه وإنما المحمود في الرجال أن لا يتجاوز بهمته فوق قدره وقدرته لئلا يعيش مغتماً طول زمانه ومدته كما قال الشاعر: لو كُنتَ تَقَنعُ بِالكِفَايةِ لَم يكُن بِالدَهرِ أرفَه مِنكَ عَيشاً فِيه أو كُنتَ يُوَماً َفوقَ ذَلِكَ طَامعَاً لم تكفِك الدُنيَا بِما تَحوِيه
أما الحكمة فإنها عطاء من الله جلت قدرته يؤتيها من يشاء من عباده قال سقراط مثل من أعطاه الله الحكمة وهو يعرف قدرها وهو بحرصه يعمل للدنيا وللمال الكثير كمثل من يكون في صحة وسلامة فيبيعها بالتعب والنصب فإن ثمرة الحكمة الراحة والعلاء وثمرة المال التعب والبلاء. قال ابن المقفع كان لملوك الهند كتب كثيرة بحيث كانت تحمل على الفيلة فامروا حكماءهم أن يختصروها فاتفق العلماء في اختصارها فاختصروها على أربعة كلمات أحداها للملوك وهي العدل والثانية للرعية وهي الطاعة والثالثة للنفس وهي الامساك عن الطعام الى وقت الجوع والرابعة للانسان وهي أن لا ينظر الى غير نفسه. حكمة قال بعض الحكماء الناس أربعة: رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فاتبعوه ورجل يدري ولا يدري وذلك ناس فذكروه ورجل لا يدري أنه لا يدري فذلك مسترشد فأرشدوه ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فاحذروه. حكمة سئل بعض الحكماء أي شي أقرب فقال الأجل فقيل أي شيء أبعد قال الأمل. حكمة قال لقمان الحكيم لولده: شيئان إذا حفظتهما لا تبالي بما ضيعت بعدهما درهمك لمعاشك ودينك لمعادك. حكمة سأل أنو شروان بزر جمهر لاي شيء يمكن أن يجعل العدو صديقاً قال لأن تخريب العامر أسهل من عمارة الخراب وكسر الزجاج إذا كان صحيحاً أسهل من تصحيحه إذا كان مكسوراً. وقال صحة الجسم خير من شرب الأدوية وترك الذنب خير من الاستغفار وكظم الشهوات خير من كظم الحزن ومخالفة الهوى في الاستكبار خير من دخول النار. حكمة كان رجل من الحكماء المتقدمين يطوف البلاد عدة سنين وكان يعلم الناس هذه الكلمات الست وهي: من ليس له علم فليس له عز في الدنيا ولا في الآخرة ومن ليس له صبر فما له سلامة في دينه ومن كان جاهلاً لم ينتفع بعمله ومن لا تقوى له فما له عند الله كرامة ومن لا سخاء له فما له من ماله نصيب ومن لا طاعة له فما له عند الله حجة. حكمة سئل بزر جمهر أي عز يكون بالذل متصلاً فقال العز في خدمة السلطان والعز مع الحرص والعز مع السفه. حكمة سئل بزر جمهر بماذا يؤدب البله فقال بان يؤمروا بكثرة الأعمال ويستخدموا في مشقات الأشغال بحيث لا يجعل لهم الى الفضول طريقاً ولا فراغاً قيل وبماذا يؤدب الاخساء فقال باهانتهم واحتقارهم ليعرفوا وضاعة أقدارهم. قيل فبماذا يؤدب الاحرار قال بالتوقف في قضاء حوائجهم. وسئل أيضاً من الكريم فقال الذي يهب ولا يذكر أنه وهب. حكمة قيل لاي سبب تتلف الناس نفوسهم لاجل المال فقال لانهم يظنون أن المال خير الأشياء ولا يعلمون أن الذي يراد من أجله المال خير من المال. حكمة قيل له أيكون شيء أعز من الروح بحيث تعطي الناس فيه أرواحهم ولا يبالون فقال ثلاثة هي أعز من الروح الدين والعقل والخلاص من الشدائد. وسئل أيضاً في أي شيء يكون العلم والكرم والشجاعة فقال زينة العلم الصدق وزينة الكرم البشر وزينة الشجاعة العفو عند القدرة. حكمة قال يونان الوزير أربعة أشياء من عظيم البلاء: كثرة العيال مع قلة المال والجار المسيء الجوار والمرأة التي لا تقية لها ولا وقار. واتفق أهل الدنيا على أن أعمال الخلائق كلها خمسة وعشرون وجهاً: خمسة منها بالقضاء والقدر وهي طلب الزوجة والولد والمال والملك والحياة وخمسة منها بالكسب والاجتهاد وهي العلم والكتابة والفروسية ودخول الجنة والنجاة من النار. وخمسة منها بالطبع وهي الوفاء والمداراة والتواضع والسخاء. وخمسة منها بالعادة وهي المشي في الطريق والأكل والنوم والجماع والبول والتغوط. وخمسة منها بالإرث وهي الجمال وطيب الخلق وعلو الهمة والتكبر والدناءة. حكمة ستة أشياء تساوي الدنيا: الطعام السائغ والولد السليم الأعضاء والصاحب الموافق والأمير المشفق والكلام الصحيح النظام والعقل التام. حكمة قال الحكيم خمسة أشياء ضائعة: السراج في الشمس والمطر في السباخ المالحة والمرأة الحسناء عند الأعمى والطعام الطيب يقدم بين يدي الشبعان وكلام الله سبحانه في صدر الظالم. حكمة سئل الاسكندر لم تكرم معلمك فوق كرامة أبيك فقال ان أبي سبب حياتي الفانية ومعلمي سبب حياتي الباقية. حكمة قال الحكيم إذا كنت بقسمة الله تجري الأمور فالاجتهاد محظور وتاركه مشكور. وقال إذا لم يمش معك الزمان كما تريد فامش مع الزمان كما يريد فإن الإنسان عبد الزمان والزمان عدو الإنسان وكل تنفس تنفسه فبقدره عن الحياة ويقرب من الممات. حكمة سأل قوم من الحكماء بزر جمهر فقالوا عرفنا من أبواب الحكمة ما ينفع أرواحنا وأشباحنا لنجتهد فيه وما يضرنا فيه وما يضرنا للبعد عنه فقال اعلموا وتيقنوا أن أربعة من الأشياء تزيد في نور العين وتحد النظر. واربعة تنقص نورها وأربعة تسمن الجسم وتخصبه وأربعة تضعفه وتهزله وأربعة أشياء تحيي القلب وأربعة تميتهن وأربعة يصح بها الجسم دائماً وأربعة تكسر البدن. أما الأربعة التي تزيد في نور العين فهي الخضرة والماء الجاري والشراب الصافي والنظر الي وجوه الأحباب. وأما الأربعة التي تنقصه فهي أكل المالح واللحم القديد وصب الماء على الرأس والنظر الدائم في عين الشمس ورؤية العدو. وأما الأربعة التي تسمن الجسم وتخصبه فهي الثوب الناعم وخلو البال من الأحزان والرائحة الزكية والنوم في المكان الساخن. وأما الأربعة التي تضعفه وتهزله فأكل اللحم القديد وكثرة الجماع وطول المكث في الحمام ونوم العشايا. وأما الأربعة التي يصح به الجسم فأكل الطعام في قته وحفظ مقادير الأشياء ومجانية الأعمال الشاقة وترك الحزن على غير موجب. وأما الأربعة التي تكسر البدن دائماً فسلوك الطريق الصعب وركوب الفرس الحرون والمشي على التعب ومجامعة العجائز وأما الأربعة التي تحيي القلب فالعقل النافع والأستاذ العالم والشريك الأمين والزوجة الموافقة والصديق المساعد. وأما الأربعة التي تميته فبرد الزمهرير وحر السموم والدخان الكريه ومخافة العدو. وقال سقراط الحكيم خمسة أشياء يهلك الأنسان فيها نفسه: خديعة الاصدقاء والالتفات عن حكمة: قال سقراط خمسة أشياء لا يشبع منها خمس: عين من نظر وأنثى من ذكر وأذن من خبر ونار من حطب وعالم من علم. حكمة سئل حكيم ما أمر الأشياء في الدنيا وما أحلاها فقال أمر الأشياء استماع الحسن ممن لا قيمة له والدين الفادح وضائقة اليد وأحلى الأشياء الولد والكلام الطيب واليسار. حكمة: سئل حكيم ما الموت وما النوم فقال النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل. حكمة: سئل حكيم ما الغنى فقال القناعة والرضا فقيل ما العشق فقال مرض الروح وموت في حسرة. حكمة: سئل ارسطاطاليس أي صديق أوثق وأي صاحب أشفق فقال الصديق الأصيل أوثق والصاحب القديم أشفق وتدبير العقلاء أفضل. حكمة: قال حالينوس سبعة أشياء تجلب النسيان: استماع الكلام الخشن ولا يصوره القلب والحجامة على خرزة العتق والبول في الماء الراكد وأكل الحوامض والنظر في وجه الميت والنوم الكثير والنظر في الأماكن الخراب. وقال أيضاً في كتاب الأدوية أن النسيان يحدث من سبعة أشياء وهي البلغم وضحك القهقهة وأكل المالح واللحم السمين وكثرة الجماع والسهر مع التعب وسائر البرودات والرطوبات فإن أكلها يضر ويجلب النسيان. حكمة: قال أبو القاسم الحكيم فتن الدنيا تنشأ من ثلاثة نفر من قائل الأخبار وطالب استماع الأخبار ومتلقي الأخبار وهؤلاء الثلاثة لا يخلصون من الندامة. حكمة: قيل ثلاثة أشياء لا تجتمع مع ثلاثة أكل الحلال مع اتباع الشهوات والشفقة مع ارتكاب الغضب وصدق المقال مع كثرة الكلام. حكمة: قال بزر جمهر الحكيم إن شئت إن تصبر من جملة الابدال فحول أخلاقك الى أخلاق الصبيان الأطفال. فقيل كيف ذلك فقال في الأطفال خمس خصال لو كانت في الكبار لكانوا أبدالاً وهي أنهم لا يغتمون للرزق وإذا مرضوا لم يشكوا من خالقهم تعالى وانهم يأكلون الطعام فيجتمعون وإذا تخاصموا لم يتحاقدوا ويساعون الى الصلح وانهم يخوفون فيخافون بأدنيى تخويف وتدمع أعينهم. حكمة: قال وعب بن منبه ف التوراة أربع كلمات مكتوبة وهي كل عالم لم يكن متورعاً فهو كاللص وكل رجل خلا عن العقل فهو والبهيمة على مثال واحد. حكمة: قال بعض الحكماء أصل الزعامة العطف وأصل الذنب العجلة وأصل الذل البخل. حكمة: قال الحكيم ينبغي أن لا يكون الانسان لقلبه خادماً وبقلبه متقدماً وبعادته أبله أي يتجاوز عن الجيد والرديء وينبغي أن يسمع كلام الحكمة من غير حكيم فإنه قد يصيب الغرض حكمة: قال الاحنف بن قيس لا صديق لملول ولا وفاء لكذوب ولا راحة لحسود ولا مروءة لدنيء ولا زعامة لسيء الخلق. حكمة: قال ذو الرياستين اشتكى رجل من خصم له الى الاسكندر فقال له الاسكندر أتحب أن أسمع كلامك فيه بشرط أن أسمع كلامه فيك فخاف الرجل وأمسك فقال الاسكندر كفوا أنفسكم عن الناس لتأمنوا من أناس السوء. حكمة: قال بزر جمهر العوافي أربعة وهي عافية الدين وعافية المال عافية الجسم وعافيت الأهل. فأما عافية الدين ففي ثلاثة أشياء: أن لا تتابع الهوى وأن تعمل بأوامر الشرع وأن لا تحسد أحداً. وعافية المال في ثلاثة أشياء: إنعام النظر وأداء الأمانة واخراج الحق من المال. وعافية الجسم في ثلاثة قلة الكلام والاقلال من الكلام والاقلال من النوم. وعافية الأهل في ثلاثة القناعة وحسن العشرة وحفظ طاعة الله تعالى. وسئل حاتم الأصم لأي شيء لا نجد ما وجده المتقدمون فقال: لأنكم فاتكم خمسة أشياء: المعلم الناصح والصاحب الموافق والجهد الدائم والكسب الحلال والزمان المساعد. خبر: جاء في الخبر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا علي أقبل على بوجهك واخل إلى قلبك وسمعك كل وغط واجمع وهب وتشدد فقال علي ما معنى هذه الكلمات يا رسول الله فقال كل الغضب وغط عيب أخيك وهب ظلم الظالم وأجمع لذلك القبر المظلم وتشدد في دين الإسلام. حكمة سئل حكيم أي شيء أكثر بين الخلق فقال: كثرة التدبير وليس قدرة ومع الاستكثار لا تزول الحاجة والعبد يحرص على كل شيء الا على الفقر فليس يحرص عليه أحد لأن الخلق كلهم يطلبون الغنى ولا يحرص أحد على الغم لأن الكل يطلبون السرور ويحرصون على الفرح لا يحرص أحد على الموت لانهم يحرصون على الحياة. حكمة قال أبو القاسم الحكيم هلاك العبد في شيئين المعصية والانفراد بالرأي. حكمة: قال الحكيم بلاء الخلق من ثلاثة: العلماء المضلين والقراء البله والعوام الحسدة. وقيل لا تطلب صحبة من طامع ولا تطلب وفاء من خسيس الأصل. وقال الحكيم شيئان غريبان في هذا الزمان الدين والفقر. حكمة قال الحكيم اربعة أحوال ان حفظتها كنت من جملة الرجال: أحدها سرك يجب أن يكون بحيث إذا علمه الناس رضيت والثاني علانيتك يجب أن تكون بحيث لو اقتدى بك الناس جاز لك. والثالث أن تعامل الناس بما لو عاملوك به اخترته لنفسك. والرابع أن تكون حالتك للناس بحيث لو كانت لك رضيت بها. حكمة قال الحكيم ينبغي أن تنظر ثلاثة أشياء بعين ثلاثة وهي أن تنظر الفقراء بعين التواضع لا بعين التكبر وأن تنظر الأغنياء بعين النصح لا بعين الحسد. وأن تنظر النساء بعين الشفقة لا بعين الشهوة. حكمة قال وهب بن منبه: في التوراة مكتوب أن أم المعاصي ثلاثة الكبر والحرص والحسد وانها نتيجة خمسة أشياء الأكل والنوم وراحة الجسم وحب الدنيا ومدح الناس. وقال من خلص من ثلاثة أشياء فمأواه الجنة وهي المنة والمؤونة والملامة إذا أحسن لم يمن باحسانه وأن يخفف مؤونته عن الناس وإذا رأى في أحد عيباً لم يلمه. حكمة: يقال ان ابن القرية دخل على الحجاج وكان من أكابر أهل زمانه فطنة وعلماً فسأله الحجاج وقال له ما الكفر قال البطر بالنعمة والاياس من الرحمة. فقال ما الرضى قال الثقة بقضاء الله والصبر على المكاره فقال ما الحلم قال اظهار الرحمة عند القدرة والرضى عند الغضب. فقال ما الصبر قال كظم الغيظ والاحتمال لما يراد. فقال ما الكرم قال حفظ الصديق وقضاء الحقوق. قال ما القناعة قال الصبر على الجوع والعري عن اللباس. قال ما الغنى قال استعظام الصغير واستكثار القليل. فقال ما الرفق قال اصابة الأشياء الكبيرة بالآلة الصغيرة الحقيرة. فقال ما الحمية قال الوقوف على رأس من هو دونك. قال ما الشجاعة قال الحملة في وجوه الاعداء والكفار والثبات في موضع الفرار. فقال ما العقل قال صدق المقال وارضاء الرجال فقال ما العدل قال ترك المراد وصحة السيرة والاعتقاد. فقال ما الانصاف قال المساواة عند الدعاوي بين الناس. فقال ما الذل قال المرض من خلو اليد والانكسار من قلة الرزق. فقال ما الحرص قال حدة الشهوة عند الرجال. فقال ما الأمانة قال قضاء الواجب. فقال: ما الخيانة قال التراخي مع القدرة قال فما الفهم قال التفكر وإدراك الأشياء على حقائقها. حكمة: قال الحكيم ثمانية تجلب الذل على أصحابها وهي جلوس الرجل على مائدة لم يدع اليها ومن تأمر على صاحب البيت والطامع في الاحسان من اعدائه والمصغي الى حديث اثنين لم يدخلاه بينهما ومحتقر السلطان ومن جلس فوق مرتبته ومن تكلم عند من لا يستمع ومن صادق من ليس بأهل. حكمة سئل بزر حمهر أي شيء يقبح بالانسان ذكره وإن كان صحيحاً قال مدح الإنسان نفسه لأنك لا تجد بخيلاً ممدوحاً ولا ذا غضب مسروراً ولا عاقلاً حريصاً ولا ترى كريماً حاسداً ولا قنوطاً عتياً ولا تجد لملول صديقاً. حكمة قال الحكيم خمسة يفرحون بخمس ثم يندمون بعدها الكسلان إذا فاتته الأمور والمنقطع عن اخوانه إذا نالته شدة ومن أمكنته فرصة على اعدائه ثم عجز عن انتهازها ومن ابتلى حكمة: سئل بزر جمهر هل يقلب المال قلوب العلماء من الرجال فقال من قلب المال قلبه فليس بعالم. حكمة: قال الحكيم العتاب الظاهر خير من الحقد الباطن. حكمة: قال بزرجمهر أصحاب الغم والحزن في الدنيا ثلاثة: محب فارق حبيبه ووالد شفوق ضل عنه ولده وغني عاد فقيراً. حكمة: قال عمرو بن معدي كرب الكلام اللين يلين القلوب التي هي أقسى من الصخر والكلام الخشن يخشن القلوب التي هي أنعم من الحرير. حكمة: قال الحكيم الحزن مرض الروح كما ان الوجع مرض الجسد والفرح غذاء الروح كما أن الطعام غذاء الجسد. وطلب حكيم من رجل أن يدينه ديناراً فلم يفعل فقال الحكيم لم يكن من منعك إياي الا أن احمر وجهي من الحياء مرة واحدة ولوأعطيتني لم يصفر وجهي من مطالبتك مرة بل الف مرة. حكمة: قال الحكيم من يزرع وطينه رطب لم يساو قيمته شيئاً. وقال من ليس له لب ولا خطر فهو شجر بلا ثمر. وقال من سل سيف الجور قتل به ومن لم ينصف من نفسه لم يخلص من حسرته ومن أطلق يده بالعطاء أشرق وجهه بالضياء. وقال من لم يجترز من ذنبه فقد تعلق به. وقال الشباب رضيع الجنون والشيب قرين التوفيق والسكون. وقال تزود طاهر الزاد ولا تخف من الاضداد. عظة: قال لقمان كنت أسير في طريق فرأيت رجلاً عليه مسح فقلت ما انت أيها الرجل فقال آدمي فقلت ما اسمك فقال حتى انظر بماذا اسمى فقلت ماذا تصنع قال ترك الأذى فقلت ماذا تأكل قال الذي يطعمني ويسقيني فقلت من أين يطعمك فقال من حيث شاء فقلت طوبى لك وقرة عين فقال ما الذي يمنعك عن هذه الطوبى وقرة العين. حكمة: قيل ثلاثة تذهب عن القلب العمى: صحبة العالم وقضاء الدين ومشاهدة الحبيب. وقيل شيئان يجلبان الحزن الى القلب: الطمع في وجود البخلاء والمراء مع الوضعاء. حكمة: قال الحكيم تجنب أربعة أشياء تخلص من أربعة أشياء: تجنب الحسد لتخلص من الحزن ولا تجالس جليس السوء وقد تخلصت من الملامة ولا ترتكب المعاصي وقد خلصت من النار ولا تجمع المال وقد خلصت من العداوة. حكمة: قال الحكيم أربعة أعمال مذمومة يعملها الناس فيجازون بها في الدنيا والآخرة. الغيبة فقد قيل فارس يلحق سريعاً والثاني احتقار العلماء لأن من احتقر عالماً عاد حقيراً والثالث كفران نعم الله عز وجل والرابع قتل النفس بغير حق وللأكابر والحكماء مثل قديم كل قاتل إذَا مكَنتَ بِالسَكِينِ كَفاً لِقتلِ النَاسِ فاذكَر الَسبيلا رأى عِيسَى قَتِيلاً فِي طَريِقِ فعَضَ عَلى أنَامِلِهِ طَويلاً وقاَلَ لِمن قَتلَت نَراَك حَتى غَدوت كَما أرى مُلقَى قَتِيلاً وَقاتلك الذي ارَادك أيضَاً يَذوُقَ القَتلَ فَاليطل العويلا.
والدليل على صحة هذا أن الله تعالى على العباد شيئين وكلاهما موقوفان على العقل وهما الأمر والنهي كما جاء في محكم التنزيل قوله جل ذكره: وهم ذوو العقول واشتقاق العقل من العقال والمعقل المنيع القلعة على رأس الجبل لا يصل إليها يد أحد لامتناعها وقوتها واحكامها. سئل حكيم الفرس لم سمي العاقل عاقلاً فقال للعاقل أربع علامات يعرف بها. وهي أن يتجاوز عن ذنب من ظلمه وان يتواضع لمن دونه وان يسابق الى فع الخير لمن هو أعلى منه وان يذكر ربه دائماً وان يتكلم عن العلم ويعرف منفعة الكلام في موضعه وإذا وقع في شدة التجأ الى الله تعالى. وكذلك الجاهل له علامات وهو أن يجور على الناس ويظلمهم ويعسف بمن دونه وأن يتكبر على الزعماء والتقدمين وأن يتكلم بغير علم وأن يسكت عن خطأ وإذا وقع في شدة أهلك نفسه وإذا رأى أعمال الخير لفت عنها وجهه. حكمة: قال سعيد بن جبير: ما رأيت للإنسان لباساً أشرف من العقل إن انكسر صححه وان وقع أقامه وان ذل أعزه وإن سقط في هوة جذبه بضبعه منها واستنقذه منها وان افتقر أغناه وأول شيء يحتاج إليه البليغ العلم الممتزج بالعقل كما جاء في الحكاية. حكاية: يقال انه ما كان في خلفاء بني العباس اعلم من المأمون في جميع العلوم فكان له في كل أسبوع يومان يجلس فيهما لمناظرة الفقهاء وكان يجتمع عنده الفقهاء والمناظرون والعلماء والمتكلمون فدخل في بعض الأيام الى مجلسه رجل غريب عليه ثياب بياض رثة فجلس في أواخر الناس وقعد من وراء الفقهاء في مكان مجهول فلما ابتدأوا في المسائل وكان رسمهم يديرون المسألة على جماعة أهل المجلس فكل من وجد زيادة لطيفة او نكتة غريبة ذكرها فدارت المسألة الى ان وصلت الى ذلك الرجل الغريب فتكلم بكلام عجيب فاستحسنه المأمون فأمر أن يرفع الى أعلى من تلك المرتبة. فلما وصلت الثالثة أجاب بجواب أحسن من أجوبة الفقهاء كلهم فأمر أن يرفع الى أعلى من تلك المرتبة. فلما وصلت الثالثة أجاب بجواب أحسن وأصوب من الجوابيين الأولين فأمر المأمون أن يجلس قريباً منه فلما اتقضت المناظرة أحضر الماء وغسلوا أيديهم ثم أحضر الطعام فأكلوا ثم نهض الفقهاء وخرجوا وقرب المأمون ذلك الرجل وأدناه وطيب قلبه ووعده بالاحسان إليه والإنعام عليه. ثم عبي مجلس الشراب ونضد وحضر الندماء الملاح ودارت الراح. فلما وصل الدور الى الرجل نهض قائماً وقال ان أذن أمير المؤمنين تكلمت بكلمة واحدة فقال قل ما تشاء فقال قد علم الرأي العالي زاده الله علواً ان العبد كان في مجلس الشريف من مجاهيل الناس ووضعاء الجلاس وان أمير المؤمنين بقدر يسير من العقل الذي أبداه جعله مرفوعاً على درجة غيره وبلغ به الغاية التي لم تسم اليها همته وإن العبد إذا شرب الشراب تباعد عنه العقل وقرب منه الجهل وسلب أدبه فعاد الى تلك الدرجة ووقع في اعين الناس كما كان ذليلاً فإن رأى الرأي العالي أن لا يفرق بينه وبين ذلك القدر اليسير من العقل الذي أعزه بعد الذلة وكثرة بعد القلة بمنه وفضله وكرمه وسيادته وحسن شيمه فعل متطولاً وأنعم متفضلاً. فلما سمع المأمون منه ذلك مدحه وشكره وأجلسه في رتبته ووفره وأمر له بمائة ألف درهم وحمله على فرس وأعطاه ثياب تجمل وكان كل مجلس يرفعه على جماعة الفقهاء حتى صار أرفع منهم درجة وأعلى منزلة. وإنما أوردنا هذه الحكاية لأجل نعت العقل لأن العقل يوصل صاحبه الى درجة عالية ومرتبة سامية وان الجهل يحط صاحبه عن درجته ويهبط به من علو مكانته.
|